samedi 1 septembre 2012

الكبارية بعد اقل بقليل من السنة على الانتخابات





الانتخابات او بالاحرى نتائجها كانت بالنسبة لي كارثية لانني كنت اعي ان حال هذا الحي لن يتحسن في شيء بل سيكون اسوء من ما كان عليه، لكن ابناء الحي كانو يعلقون امالا كثيره على الحكومة المنبثقة من صناديق الاقتراع وهم من وضعو تلك الورقة الملعونة في ذلك الصندوق لمجرد سماعهم ان حركة النهضة الاسلامية ستشغل ما يقارب  600 الف عاطل عن العمل.
كانو ينتظرون المشاريع و التحسينات في الحي، منهم من يتحدت عن مصنع و فيهم من يتحدث عن مساكن شعبية جديدة و منهم من يتحدث عن مركب تجاري و سوق، ومنهم مثلي من كان يريد مكتبة عمومية ودار شباب، كانو ينتظرون ان يتحول الحي من الفقر و العدمية و العوز الى حي ارقى بقليل ان يكون العيش هنا رحيما ولن يشبه معيشة الاسطبل بعد الآن.
كانو يتحدثون عن حكومة ستدخلهم الجنة قبل الحساب، جنة على وجه الارض، شغل و خبز بكرامة.
كانو يحلمون بمنزل، عائلة و سيارة شعبية.

بعد ما يقرب السنة من الانتخابات، يجد ابناء الكبارية انفسهم يواجهون نفس الصعوبات و اكثر.
تستمع اليهم يتحدثون عن صعوبة اجاد عمل حتى في حضائر البناء، عن غلاء المعيشة التي لم يعد لهم طاقة لتحملها، تستمع لكلمات "نهار نتعشى و عشرة لا"، لم يعد بامكانهم اقتناء حتى علبة سجائر تونسية ...
لا احد يكترث بهم، لا احد يحاول حتى ان يتحدث اليهم لمعرفة الصعوبات التي يحاولون تجاوزها ...
حاولة ان اسأل عدد من الشباب المتواجد في الحي عن مسببات عدم توصلهم للحصول على العمل، كان اغلبهم يسبون السياسة و السياسيين، البعض يسب الحكومة التي ينعتونها بالكاذبة او المعارضة المعرقلة لسير عمل الحكومة، الآخرون لا يفقهون من السياسة شيء بل يريدون ان يسكتون بطون اطفالهم و يحمونهم و تمكينهم من ان يدرسو في ظروف طيبة.
الشق الاكبر هو الشق الساخط على الحكومة، بل ينعتون من مازال يتمسك بما يسمهون دجل الوزراء بالـ"مهبول" و الـ"متروش"، بعضهم يقول ان الحكومة لن تسطيع تشغيل احد بل ستجعل من الجميع عاطلين عن العمل و "راكشين تحت الحيط".
كل هذا السخط على الحكومة سببه ارتفاع الاسعار و عدم مقدرة ارباب العائلات على مجارات كل هذه الارتفاعات المشطة في نظرهم.
"ما فما شي ماش" قال لي صديق عاطل عن العمل، هذا الشخص هاول كثيرا ان يجد عملا مناسبا فهو صاحب شهادة تقني سامي فالاتصالات منذ اكثر من 3 سنوات، و يتابع بقوله "الجعالة هي الكل" قاصدا ان المناظرات المزعومة لا و لن يتم قبولك الى ان كان لك "كتف صحيح".

بعضهم من اليأس استسلمو لوضعهم المزري و "الركشة" في المقاهي و لعب الورق "بالكريدي"، لم يعد بامكانهم حتى اقتناء القهوة  او المشروبات الغازية.
هذا ما يجر العديد منهم الى الانحراف و الالتجاء الى النهب و السرقة و "البراكاجات" لان لا دخل لهم يسد جوع بطونهم، لان لا احد يحيطهم و يحميهم.
حدثني احدهم و قال لي انها ثقافة المكان، ليس لديهم سوى المقاهي و البطحاء، لا مكتبات لا دور شباب، لا دور ثقافة لترتقي بمستواهم الثقافي، و لا حيطة اجتماعية و لا حتى عائلية و يتابع قائلا "المشكلة مش في القراية اما المشكلة في العقليات".

السياسة هنا لم تعد تهم احدهم، لم تعد تستهويهم احزاب و لا انتخبات، فبالنسبة لهم كل الاحزاب سواء لا احد يقدم البديل و لا احد سيمد لهم يد العون، بل اصحاب السلط سيواصلون التغوّل و افتكاك الاموال العمومية و استنزاف خزائن الدولة ثم يرحلون. "بن علي عالقلية كان كلب اما مخلينا ناكلو" قال لي رجل احيل على التقاعد الاجباري معبرا على ان الحكومة الحالية "تسرق جهار فالنهار" ولم تترك للشعب شيء.
حاول بعضهم اقناعي بان ما افعهل لا يجدي نفعا و انا صوتهم لم و لن يسمع ابدا، هم و غيرهم من ابناء الاحياء الشعبية.
كان هناك شاب ملتحي في ركن المقهى اقتربت منه و حاولت ان افهم لما اختار التيار السلفي و ما اسباب تدينه فجأة، اخبرني ان "الاخوان" كما يسميهم، اقنعوه بانه ان "رجع لربي" سيجد عملا بسهولة و انهم سيتدخلون له للعمل او سيمولون له مشروعا يكفيه للعيش بكرامة، سألته عن عمله فقال لي ان له "نصبة" يبيع فيها العطر الشرعي و اللباس الشرعي و الكتب الدينية و قد مده شيخ كل هذا مجانا و اخذ له مكان امام الجامع يبيع ففيه السلع و اظهر لي اقتناعا بالمدخول الذي يحققه و ان عاش زاهدا في دنياه سينال آخرته.

يجمع كل هاؤلاء شيء واحد وهو البحث عن العيش الكريم، و يقول اكثرهم "نحنا شع خبزيست" حاولنا ان نجاري نسق السياسيين ففشلنا، السياسة لم تعد تعني لهم شيء لا يهمهم ان يعيدو الانتخاب مجددا، كل ما يهمهم العمل و ان "يبات كرشو معبية" و ان يعاملو كبشر لا كبقايا. و يقول كثيرون ان سيتواصل هذا الحال فانهم مستعدون لاقتلاع هاؤلاء من مناصبهم و ان كلفهم ذلك دماء.
بدأ يضيق صبرهم ولم يعودو يتحملون الاوضاع المأساوية التي يعيشون من فقر و تهميش و بطالة، حي لا يبعد عن العاصمة سوى 5 كم يقطنه 180 الف مواطن 50% منهم يعيشون تحت خط الـ 3 دينارات يوميا.
هنا يطالبون بالعيش الكريف فقط، لا بتركيع اهلام و لا بتطهير اسلاك و لا باقصاء اطراف سياسية، لا يهمهم سبيسي و لا غنوشي و لا كل وزراء الحكومة، كل ما يهمهم هو ان تظمن حقوقهم فقط.



Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire